والحالة الثالثة: الحيل العادية التي لا خرق فيها للعادة، ولكنها خفية لا يدركها كل أحد، وإنما قد تلتبس على العوام، أما من أتقنها من أهل الحيل فهؤلاء لديهم مواهب معينة تجعلهم يجيدون هذه الحيل، فنجد أن بعض الناس قد يقفز أكثر من غيره، وقد يخطف شيئاً من جيب أحد الناس فمثلاً نجد بعض النشالين عندهم خفة عجيبة جداً، فيأخذ من جيبك وأنت لا تشعر، أو يعمل عملاً فيه في الظاهر خرق للعادة، وهو في الحقيقة يمكن أن يتعوده أي إنسان ويتقنه ويصبح مثله. فهؤلاء من جنس أصحاب الفجور ما داموا يظهرون هذا على أنه احتيال، وخرق للعادة أمام الناس، فاحتيالهم هذا يدخل في جنس الكذب، فيعاقبون على أنهم أهل فجور وإن لم يكونوا بالضرورة من أهل البدع الاعتقادية، فكل منهم قد تكون غاياتهم أحياناً واحدة وهي: إغواء الناس؛ ليتعلقوا بهم، وليعظموهم، وليعتقدوا فيهم ما ليس فيهم، وقد تختلف غاياتهم. فبهذه الأحوال الثلاثة يعرف الإنسان الميزان والفارق الذي يميز به بين الحق والباطل في مثل هذه الأمور.